بسم الله الرحمن الرحيم
اللواء الإسلامى العدد رقم ( 301 ) أكتوبر 1987
التعصب والعزلة عن المجتمع ومخاصمة أهل الكتاب
كلها تخالف تعاليم الإسلام
0 فى البداية أكد الدكتور محجوب وزير الأوقاف أن نزول الدعاة إلى التجمعات البشرية مطلب واقعى . ومسئولية وزارة الأوقاف المسئولة الأولى عن مساجد الجمهورية ، كلمة وداعية ومبنى ، لذا فقد مضى ذلك العهد الذى يتقوقع فيه الداعية فى حالة أو فى دائرته المحدودة ، لأن المناقشة والحوار هما الطريق الصحيح للوصول إلى ما يفيد أمور الدين والوطن .
وقال الدكتور محجوب إن الذى لا شك فيه أن هناك أيدي خفية تريد أن تعبث بهذا الوطن ، وتضرب أهم ما لديه وهم الشباب ، ويأتى هذا مع الأسف الشديد ، تحت ستار الدين والدين برئ من ذلك كل البراءة ، لأن الدين بناء وليس هدم ، وتعاون وليس اختلافا ، ووحدة وليس تشاجر ، وتسامح وليس تعصبا أو تضييقا .
وتقرر أن كل من يلى الأمر فى بلدنا حريص على شباب هذا البلد ، وحريص
على أن يتضح جوهر الدين النقى ، أمام كل مسلم يريد أن يعرف مبادئ دينه وأمور عقيدته .
لا خصومة مع أحد
0 والحق الذى ينبغى أن يعرفه الجميع ، أنه ليس بين الدولة وبين شبابها مهما اختلفت أفكارهم ، أية خصومة ، وإنما ما يريده ولاة الأمور فينا ، أن يطلع شبابنا على الحق فيؤيدوه ويروا غير الحق فيجتنبوه .
إن أقوالا غريبة تتردد على ألسنة البعض ، قد ينقلها البعض بدراية أو بدون دراية ، ولكنه يدعى أن مصر لا تهتم بالدعوة .
أن وطننا مدخر من عند الله للدافع عن الإسلام والذود عنه إلى أن تقوم الساعة ، والرسول صلى الله عليه وسلم . يقول : ( سوف تفتح عليكم مصر ، فاستوصوا بأهلها خيرا ، فإن لهم ذمة ورحما ) وارتبط بلدنا مع الدعوة برباط نسب من مطلع الدعوة على يد سيدنا إبراهيم حتى محمد صلى الله عليه وسلم ، فهاجر بنت مصر ربطت بين أبناء بلدنا ونبى الله إبراهيم عليه السلام ، وماريه القبطية ربطت بين بلدنا ونبى الله محمد صلى الله عليه وسلم حين تزوجها .
الدين الصحيح
0 وأكد الدكتور محجوب أن دعاوى التشدد ، والتعصب ، ومخاصمة أهل الكتاب ، والعزلة عن المجتمع أو الحديث عن المجتمع بما يصفه بالجهل أو الكفر ، كلها دعاوى لا تمت إلى الإسلام من قريب أو بعيد ، ومن يرم غيره بالكفر فقد باء هو به ، والتدين الصحيح لا يعنى إلا تسامحا وسلوكا حسنا ، ودورا إيجابيا فى حياة الأفراد والجماعات .
وحمل الدكتور المحجوب الدعاة مسئوليتين هامتين : الأولى : مناقشة الأفكار الخاطئة التى يرددها البعض .
الثانية : توفير الثقافة الإسلامية الرشيدة لمن يريد أن يتعرف أمور دينه ، حتى يحصل عليها من مصادرها الطيبة .
ولذا ينبغى أن يناقش الداعية الأمور بهدوء وسعة أفق وثقافة ، وأن يكون قدوة فى منهجه وسلوكه ، وألا يضيق صدره أبدا بغيره ، وأن يؤكد دور المسجد ، وجودا ودورا ونظافة ، فى حياة المجتمع ، وألا يحاور أحدا من منطلق الخصومة بل من منطلق الحنو والأبوة ، لأن الأساس أننا كلنا عاملون فى حقل الدعوة ، وفى خدمة العمل الأسلامى العام .
المودة مع أهل الكتاب
0 وأكد الدكتور سيد طنطاوى أن علاقة المسلمين بأهل الكتاب تقوم على المودة والرحمة ، وأن لهم ما لنا وعليهم ما علينا .
وكلنا نعيش على أرض واحدة وليس هناك أحد فوق المسئولية فإذا أخطأ هذا عوقب ، وإذا أخطأ هذا عوقب أيضا .
يجب جميعا أن نتحد من أجل مصلحة هذا الوطن الذى نعيش فيه جميعا ، ونحن كمسلمين مدعون أن نعامل غير المسلمين معاملة حسنة طبقا للنصوص
القرأنية * لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم فى الدين ويخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون *
والله يقول فى سورة العنكبوت * ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن ، إلا الذين ظلموا منهم وقولوا أمنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون *
وناقش الدكتور مسألة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فقال : إنها مسئولية جميع أفراد الأمة ، من منطق قول الله تعالى * كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهمون عن المنكر وتؤمنون بالله * -- * والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولى ببعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر * .
ولذا فإن كل واحد مطالب بأن يجتنب المنكر وينهى عنه ، وأن يفعل المعروف ويأمر به ، وبذا تستقيم الأمور .
ولكن ما أحذر منه البعض ، هو أن يخلط الأمور ، ويقوم بدور ليس مطالبا به ،لأن كل واحد فى المجتمع له دور وإلا لتحولت الأمور إلى فوضى بلا ضابط .
إن تغيير المنكر باليد ليست مسئوليتنا جميعا ، بل هو مسئولية ولى الأمر فقط ، الحاكم فى موقعه ، والمدير فى إدارته ، والوالد على أولاده وزوجته ، ولكن لا يحل لأحد أن يأمر هذا باليد وينهاه ، لأنه لا يملك إلا الكلمة ، وسوف يترتب على فعله هذا فوضى كبرى ، وضرر أشد ، وفيه تدخل لأدوار كل واحد فى المجتمع ، وهذا ملا يرضى عنه الله ولا رسوله ولا المؤمنون .
الفتوى للعلماء
0 ودعا الشيخ عطية صقر الشباب إلى ضرورة العلم والتعلم ، وعدم التعرض لأمور الفتوى إلا من هو على درجة عالية من الثقافة الإسلامية الواسعة ، من حفظ للقران ، ودراسة للسنة ، والفقه على مذاهبه المختلفة ، وإجادته للعربية ، وسعة أفقه ، وفهمه لمعطيات المجتمع ومصلحته العامة .
لابد من معرفة الحكم الشرعى الذى يدعو إليه الشاب ، ولا بد من اختيار
الوسيلة الصحيحة الى تدعو بها ، لأنه الغاية سامية فلم لا تكون الوسيلة سامية أيضا .
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الداعية الأول ، وقف عند حدود علمه عندما وجه إليه سؤال، وكلنا يعلم أن شخصا سأله : يا رسول الله أى البقاع خير ..؟ فسكت النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال : حتى أسأل جبريل ، وعندما جاءه جبريل قال : خير البقاع فى الأرض المساجد .
ولذا أقول لبعض الأخوة الذين تأخذهم الحماسة ، الدينية ، انك إذا تدينت ، ويجب بل ويفرض علينا أن نتدين جميعا ، عندها لا ينبغى لك أيها المتحمس أن تقحم نفسك فى مجال الفتوى وأمور الحل والحرمة ، لأن هذا مجال صعب ، وقد تذل وتذل وغيرك ، فدع أمور الفتوى للمتخصصين ، ومارس أنت تدينك وعبادتك ودعوتك إلى المعروف فى حدود معرفتك ، لأن باب العلم واسع والله يقول * وما أوتيتم من العلم إلا قليلا *
وأكد الدكتور احمد شلبى ضرورة بحث أسباب بعض التشدد الذى يقع فيه البعض ، وضرورة تيسير وسائل الثقافة الإسلامية بشتى الوسائل والسبل ، وتدريس الثقافة الإسلامية لطلبة الكليات العلمية ، والتأكيد على عظمة الحضارة الإسلامية كجزء نعتز به من التاريخ الإسلامى والحضارة الإنسانية ، تلك الحضارة التى أخذت من حضارتنا الشئ الكثير فى مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية .
وأشاد الدكتور شلبى بروح التسامح القائمة على مدى التاريخ الطويل بين المسلمين والأقباط داخل المجتمع المصرى ، ولذا فإن أى إثارة حول هذه المسألة ينبغى أن تعالج بالحكمة والحزم المطلوب
نقل بمعرفة
طائر الليل