الشيم الكرام مشرف قسم الاسرة من الطفولة الى الشيخوخة
عدد المساهمات : 174 نقاط : 437 تاريخ التسجيل : 29/01/2010
| موضوع: أبى ذر الغفاري ـــ رجال من المدرسة النبوية ــ الإثنين يناير 17, 2011 9:26 am | |
| أبى ذر الغفاري
رجل من المدرسة النبوية
بقلم د / محمود محمد عمارة
عن أبى ذر رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحوها ، وخالق الناس بخلق حسن ) رواه ألترمزى وحسنه .
تمهيد :
ذات يوم .. قال صلى الله عليه وسلم لأبى ذر رضي الله عنه .. أعقل يا أبا ذر .. ما أقول لك بعد .. كررها صلى الله عليه وسلم ستة أيام كاملة .. فلما كان اليوم السابع أوصاه .. ذلك بأن مهمة الداعية لا تنتهي بانتهاء النصيحة يلقيها .. بل لا بد له قبل ذلك من تهيئة المدعو لتلقيها .. تماما كالبذرة : لا تلقيها إلا في تربة قد أعددتها للإنبات .. وإلا كان عملك عبثا . لاحظ كيف ينبه الرسول أبا ذر .. وعلى مدى أسبوع .. إلى أنه سيلقى عليه قولا ثقيلا .. إلى الحد الذي يطرح فيه أبا ذر من عقله وقلبه كل شاغل من مال وأهل وولد .. ليفرغ كل مداركه حتى يستقبل هذا الأمر الخطير .. الذي سوف يوافيه في ميقات يوم معلوم .. ليتمكن في قلبه وعقله .. ولا ينساه أبدا .. لقد كان لأبى ذر رضي الله عنه منزلة رفيعة لدي رسول الله صلى الله عليه وسلم : فكان يبتدئ أبا ذر بالحديث .. ويتفقده إذا غاب . وإذن .. فلم يكن غريبا أن يتعهده بهذه العناية التي اختصه الرسول بها ، وبالطريقة التي تبلغ بالمدعو إلي ما نرجوه له من كمال .. ليكون الموقف في النهاية درسا للمربين وللدعاة ..
خطوة إلى الوراء :
وهذه المنزلة التي أختص بها الرسول صلى الله عليه وسلم أبا ذر رضي الله عنه تتقاضانا أن نعود على بدء .. لنتعرف على الرجل منذ خطا نحو الإسلام خطوته الأولى .. والبداية دائما .. تشير إلى النهاية كما يقولون : قبل إسلامه .. قال أبو ذر لأخيه : أركب : أ ـ فأعلم لي علم هذا الرجل . ب ـ واسمع من قوله .. وهى وصية تعنى : السؤال المستوعب .. بحثا عن كل دقيق وجليل يتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم .. حتى ( يعلم ) علما صحيحا بالرسالة الجديدة . ثم لا يكتفي بذلك .. بل لابد أن يسمع مباشرة منه .. ولا يكتفي بالسماع .. عنه .
التقرير :
ونفذ الأخ خطة أخيه حرفيا .. ثم قدم إليه التقرير التالي : أ ـ إنه يأمر بمكارم الأخلاق . ب ـ وكلامه .. ما هو بشعر . جـ ـ وإنه أشبه الناس بك يا أبا ذر! . ليس الخبر كالعيان ، ولم يشفى التقرير غليل أبى ذر .. فقرر أن يذهب بنفسه إليه . فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم حياه بتحية الإسلام .. صادرا عن فطرة سوية نقية .. فلما أعلن إسلامه ، وصاه صلى الله عليه وسلم أن يعود إلى قومه ويدعوهم إلى الإسلام .. حتى يظهر أمر الإسلام ، ولكنه غادر مجلس الرسول .. ثم صرخ بالشهادتين .. فضربه الطغاة كثيرا .
بداية الرحلة إلى الله :
سمع أبو ذر رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : ( إن أقربكم منى مجلسا يوم القيامة من خرج من الدنيا كهيئته يوم تركته فيها ) ولقد صمم أبو ذر أن تظل حياته كما هي .. لا تتغير .. فوضع الدنيا في كفة .. والقرب من مجلس الرسول في كفة .. ثم لم يتردد في إيثار القرب منه صلى الله عليه وسلم .
معارج الوصول :
لكن الوصول إلى هذا المجلس العظيم لن يتم إلا بأسباب في مقدمتها .. الزهد .. والتواضع .. والسخاء .. عرض عليه عثمان رضي الله عنه أن يرسل إليه إبل الصدقة ليشرب من لبنها .. وليتخذها ركوبا فاعتذر قائلا : تكفيني غنيماتى . ومن زهده في المناصب ما روى من أنه : أرسل رسولا إلى صديق له تولى إمارة العراق وقال له : أبلغه السلام ، وقل له : إن أبا ذر يقول لك : إنا نأكل التمر ونشرب الماء ونعيش كما تعيش ! فبكى صديقه بكاء شديد .
أما عن تواضعه :
فقد كان له مملوك .. فلم يطق أن يظل ( عبدا ) فحرره .. ليصير فقط خادما .. لقد أبى له إحساسه بكرامة الإنسان أن يراه عبدا .. وفضل أن يكون مثله إنسان ، وإذ يستمد غيره من طلاب الدنيا أبهتهم من إذلال الآخرين .. فإنه كمسلم حر .. متعته أن يعيش مع الأحرار .. لتكون الحياة أجمل مذاقا .
وأما عن سخائه :
فقد كان راتبه أربعة آلاف في العام .. فكان يعطى الخادم راتب العام في أوله .. ثم يتصدق بالباقي .. لقد أدار ظهره للدنيا ثم استقبل الآخرة بهذه الخلال .. وفي خياله من مشاهد الآخرة .. صحبته للرسول صلى الله عليه وسلم هناك .. في جنات عدن . وبهذه الخلال استطاع التأثير في قومه .. حتى أسلم نصفهم على يديه .. ولهذا أيضا .. اختصه الرسول بمزيد من الحب والتقدير .. كان أحق به .. وكان أهله ! .
| |
|