منبر الابداع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منبر الابداع للابداع شكل جديد
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاءتسجيل دخول الاعضاء
ساعات الوداع  14971045

 

 ساعات الوداع

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سليمان شاويش
المشرف العام
المشرف العام
سليمان شاويش


عدد المساهمات : 311
نقاط : 748
تاريخ التسجيل : 21/01/2010
العمر : 64

ساعات الوداع  Empty
مُساهمةموضوع: ساعات الوداع    ساعات الوداع  Icon_minitimeالجمعة يناير 14, 2011 10:32 am

ساعات الوداع


قبل لحظة الوداع وفد للبيت المودعون من الأهل والجيران ، ودعهم فردا فردا بالسلام والأحضان والقبلات لم يبقَ فى النهاية سوى أبيه ، وهو يقترب منه ليودعه أحس بيد قوية كأنها من حديد تقبض على قلبه ، فلم يستطع تقبيله بل وضع ذقنه على كتفه ،إلتصق الوجهان من الجانب الأيسر ، فأحس بخشونة شعر وجه أبيه ، كأنها انتزعت منه وزرعت بوجهه الغض النضير ، ربت أبيه على ظهره وتجاذبتهما مشاعر الوداع ، وسرا بينهما حنين من قلب القلب فضمه والده إليه بقوة وهو يقول .
ـ هل سأراك مرة أخرى يا ولدى ؟
صوت خفي بداخله يرتفع إلى عنان السماء ـ لا يسمعه أحد غيره ـ يدعوه أن لا يرحل ، لكنه سمع صوتاً لم يتبين من هو (صاحبه) يقول
ـ كن رجلاً وتماسك .. أنت لست صغيرا .. ونحن سنكون إلى جوار أبيك .
انتزعوه من بين أحضان والده وهو ينظر إليه ، والدموع تترقرق فى مقلتيهما ، أخذه (الأصوب: جذبه، أو شده) أحدهم من ذراعه وذهب به إلى السيارة التى سيستقلها للميناء .
اليد الحديدية ما زالت تقبض على قلبه تعتصره ، تنتزعه من ألأرض التى ربا (الأصوب تربى) فيها ونشأ وهو يئن بين قبضتيها ، مضت به السيارة ولم يبقَ له من الوداع ، سوى خشونة شعر وجه أبيه ، واليد الحديدية القابضة على قلبه ، ودعوات أمه التى تلهث بها منذ الأمس دون توقف ، وقبلاتها التى كانت تنثرها عليه كلما رأته.
ترك القرية فخفت وطأة اليد الحديدية شيئاً يسيرا ، ثم ها هو خارج نطاق المركز فخفت حدتها قليلاً ، وما أن كانت المحافظة خلف ظهره ، حتى انفرجت القبضتان عن بعضهما ولكن مازال القلب بينهما يتأوه ، وهو على طريق السويس لم تعد اليد من حديد ، فلقد تبدلت وأصبحت كيد رجل قوى ، تلاطف قلبه المتألم حيناً وحينا آخر
تجعله يئن، فتزداد دقاته ويبكى فى صمته وكأن دموعه من دماء.
خشونة شعر وجه أبيه ما زالت تحمل نفس الإحساس الذى ترك به والده ، الآن هو على ظهر السفينة وقد ارتفع صوت نفير الباخرة ، معلنة بدء رحلتها.. لتصبح اليد التى تقبض على قلبه كيد طفل ، يهدهده بلطف وحنان ، فانفلت منه خيطا كالحرير طرفه بين ضلوعه ..والطرف الآخر هناك بالقرية يلتف حول كل أفرد الأسرة ، أما اثر شعر الوجه الخشن فما زال كما هو ، وصوت أبيه يتردد فى أذنيه .
ـ هل سأراك مرة أخرى ياولدى ؟
ساعة الغروب من فوق سطح الباخرة ، يلقي بنظرة وداع على البيوت الرابضة هناك بعيدا ، ويحلم ببيتهم القابع بقريتهم بين القرى والمدن ، ويرى أفراد أسرته جميعا يلوحون إ ليه ، وهو يبادلهم بيد وبأخرى راح يتحسس مكان شعر وجه أبيه ، الذى كان يئن أنينا أشد من أنين القلب والدموع تنهمر من مقلتيه


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ساعات الوداع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منبر الابداع :: ساحة الابداع الادبية :: القصة القصيرة والرواية والمسرحية-
انتقل الى: