2 - الكفاح الدامى

غزوات الرسول من كتاب الرحيق المختوم
للشيخ / صفى الرحمن
2 –
الكفاح الدامي

استفزازات قريش واتصالهم بعبد الله بن أبى :
تقدم ما أدلى به كفار مكة من التنكيلات والويلات على المسلمين فى مكة ، ثم ما أتوا به من الجرائم التى استحقوا لأجلها المصادرة والقتال ، عند الهجرة ، ثم إنهم لم يفيقوا من غيهم ولا امتنعوا عن عدائهم بعدها ، بل زادهم غيظا أن فاتهم المسلمون ووجدوا مأمنا ومقرا بالمدينة ، فكتبوا إلى عبد الله بن أبى بن سلول- وكان إذ ذاك مشركا- بصفته رئيس الأنصار قبل الهجرة - فمعلوم أنهم كانوا قد اتفقوا عليه ، وكادوا يجعلونه ملكا على أنفسهم لولا أن هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ، وآمنوا به- كتبوا إليه وإلى أصحابه المشركين ، يقولون لهم فى كلمات باتة :
إنكم آوتيتم صاحبنا ، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه ، أو لنسيرن إليكم بأجمعنا حتى نقتل ، مقاتلتكم ، ونستبيح نساءكم .
وبمجرد بلوغ هذا الكتاب قام عبد الله بن أبى ليمتثل أوامر إخوانه المشركين من أهل مكة- وقد كان يحقد على النبى صلى الله عليه وسلم ؛ لما يراه أنه استلبه ملكه- يقول عبد الرحمن بن كعب : فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبى ومن كان معه من عبدة الأوثان اجتمعوا لقتال رسول الله ، فلما بلغ النبى صلى الله عليه وسلم لقيهم ، فقال Sad

لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ ، ما كانت تكيدكم بأكثر ما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم ، تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم ) فلما سمعوا ذلك من النبى تفرقوا امتنع عبد الله بن أبى بن سلول عن القتال إذ ذاك ؛ لما رأى خورا أو رشدا فى أصحابه ، ولكن يبدو من تصرفاته أنه كان متواطئا مع قريش ، فكان لا يجد فرصة إلا وينتهزها لإيقاع الشر بين المسلمين والمشركين ، وكان يضم معه اليهود ؛ ليعينوه على ذلك ، ولكن تلك هى حكمة النبى صلى الله عليه وسلم التى كانت تطفئ نار شرهم حينا بعد حين .

إعلان عزيمة الصد عن المسجد الحرام :
ثم إن سعد بن معاذ انطلق إلى مكة معتمرا ، فنزل على أمية بن خلف بمكة ، فقال لأمية :
انظر لى ساعة خلوة لعلى أن أطوف بالبيت ، فخرج به قريبا من نصف النهار ، فلقيهما أبو جهل ، فقال : يا أبا صفوان ، من معك ؟ فقال : هذا سعد ، فقال أبو جهل : ألا أراك تطوف بمكة أمنا وقد آويتم الصباة ، وزعمتم أنكم تنصرونهم ،وتعينونهم ، أما والله لولا أنك مع أبى صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما ، فقال له سعد- ورفع صوته عليه : أما والله لئن منعتنى هذا لأمنعك ما هو أشد عليك منه : طريقك على أهل المدينة .

قريش تهدد المهاجرين :
وكأن قريشا كانت تعتزم على شر أشد من هذا ، وتفكر فى القيام بنفسها للقضاء علىالمسلمين ، وخاصة على النبى صلى الله عليه وسلم .
ولم يكن هذا مجرد وهم أو خيال فقد تأكد لدى رسول من مكائد قريش وإرادتها على الشر ما كان لأجله لا يبيت إلا ساهرا ، أو فى حرس من أصحابة . روى الشيخان فى صحيحيهما عن عائشة رضى الله عنها قالت : سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة ليلة فقال: ليت رجلاً صالحلاً من أصحابى يحرسنى الليلة -، قالت فبينما نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح ، فقال : ( من هذا ؟) قال سعد بن أبى وقاص ، فقال له رسول الله ( ما جاء بك ؟) فقال : وقع فى نفسى خوف على رسول الله ، فجئت أحرسه فدعا له رسول الله ثم نام .
ولم تكن هذه الحراسة مختصة ببعض الليالى ، بل كان ذلك أمراً مستمراً ، فقد روى عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس ليلاً حتى نزل : * وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس * ( المائدة : 67) ، فأخرج رسول الله رأسه من القبة ، فقال : ( يا أيها الناس ، انصرفوا عنى فقد عصمنى الله عز وجل ) .
ولم يكن الخطر مقتصرا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل كان يحدق بالمسلمين كافة ، فقد روى أبى كعب ، قال : لما قدم رسول الله وأصحابه المدينة ، وآوتهم
الأنصار رمتهم العرب عن قوس واحدة ، وكانوا لا يبيتون إلا بالسلاح ، ولا يصبحون إلا فيه .

الإذن بالقتال :
فى هذه الظروف الخطيرة التى كانت تهدد كيان المسلمين بالمدينة ، وتنبئ عن قريش أنهم لا يفيقون عن غيهم ولا يمتنعون عن تمردهم بحال ، أنزل الله تعالى الإذن بالقتال للمسلمين ولم يفرضه عليهم ، قال تعالى * أُذِنَ للَّذينَ يُقَاتَلُونَ بِأنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدير * الحج 39
وأنزل معه آيات بين فيها أن هذا الإذن إنما هو لإزاحة الباطل وإقامة شعائر الله قال تعالى * الذين إن مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر * الحج : 41
وكان الإذن مقتصرا على قتال قريش ، ثم تطور فيما بعد مع تغير الظروف حتى وصل إلى مرحلة الوجوب ، وجاوز قريشاً إلى غيرهم ، ولا بأس أن نذكر تلك المراحل بإيجاز قبل أن ندخل فى ذكر

الأحداث :
1- اعتبار مشركى قريش محاربين ؛ لأنهم بدأوا بالعدوان ، فحق للمسلمين أن يقاتلوهم ويصادروا أموالهم دون غيرهم من بقية مشركى العرب .
2- قتال كل من تمالأ من مشركى العرب مع قريش واتحد معهم ، وكذلك كل من تفرد بالاعتداء على المسلمين من غير قريش .
3- قتال من خان أو تحيز للمشركين من اليهود الذين لهم عقد وميثاق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونبذ ميثاقهم إليهم على سواء .
4- قتال من بدأ بعداوة المسلمين من أهل الكتاب ، كالنصارى ، حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون .
5- الكف عمن دخل فى الإسلام ، مشركا كان أو يهوديا أو نصرانياً أو غير ذلك ، فلا يتعرض لنفسه وماله بحق الإسلام ، وحسابه على الله .
ولما نزل الإذن بالقتال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبسط سيطرته على الطريق الرئيسى الذى تسلكه قريش من مكة إلى الشام فى تجارتها ، واختار لذلك خطين :

الأولى : عقد معاهدات الحلف أو عدم الاعتداء مع القبائل التى كانت مجاورة لهذا الطريق ، أو كانت تقطن ما بين هذا الطريق وما بين المدينة ، وقد عقد رسول الله معاهدة مع جهينة قبل الأخذ فى النشاط العسكرى ، وكانت مساكنهم على ثلاث مراحل من المدينة ، كما عقد معاهدات أخرى أثناء دورياته العسكرية ، وسيأتى ذكرها .
الثانية : إرسال البعوث واحدة تلو الأخرى إلى هذا الطريق .

نقل بمعرفة
طائر الليل

جزاك الله كل الخير على هذا النقل واكثر الله من أمثالك كن مع الله يهديك إلى سواء السبيل ويرضيك ويرضى عنك

شكرا لك يا اخى على الموضوع الراقى شكرا شكرا

أثـابك الله أخي الكريـم

وجزاكَ الجنة ومن تحب

دمت مضيئاً.. واستمر هكذا

نجـــود كتب:: أثـابك الله أخي الكريـم

وجزاكَ الجنة ومن تحب

دمت مضيئاً.. واستمر هكذا

الاخت نجود
اعتز بمرورك جدا جدا واشكرك على الدعاء والنصيحة لى واتمنى منك المشاركة المستديمة
تشرفت بك معنا فى هذا المنتدى المتواضع

شكرا شكرا يا طائر على ابداعك الراقى و أعذرونى اخوانى على تأخرى و لكن والله اسباب كبيرة منعتنى شكرا شكرا

العالم الصغير كتب:: شكرا شكرا يا طائر على ابداعك الراقى و أعذرونى اخوانى على تأخرى و لكن والله اسباب كبيرة منعتنى شكرا شكرا

شكرا العالم الصغير
مشاركتك اسعدتنا ونريد أن نطمئن عليك دائما
عزرك مقبول بكل بود أخى ونتمنى أن تكون الاسباب خير

اخى اكرمك الله بفضله ونعمة منه تدوم بستر وحسن بيان استمر

» 24 ـ الكفاح الدمى والغزوات والسرايا