حكايات فى الطب
الأعمال اليدوية ... شفاء من الأمراض
قرأت أن ابنة الملياردير خاشقجى تعمل بيدها لتكسب بضعة جنيهات فى فترة الإجازة ، كما نشرت الصحف البريطانية صورة للسيدة تاتشر رئيسة الوزراء تطلى جدران منزل ابنتها العروس ، وتحت الصورة : أجد فى العمل اليدوى قيمة كبيرة ثم راحة لنفسى وأعصابى .
إن أفراد البيت جميعهم فى الغرب يعتمدون على أنفسهم فى أعمال السباكة والكهرباء وإصلاح الأثاث والطلاء بل وفلاحة الحدائق ، والأدوات اللازمة متوفرة فى السوق ، مبسطة ومزودة بتعليمات واضحة تساعد على القيام بهذه الأنشطة بكل إتقان وجمال مما يدخر الجهد والمال ، والطفل هناك يشارك فى إصلاح مقعد أو منضدة فيتعود حب هذا العمل والفخر بإنجاز شئ ، والآباء يشجعونهم .
هذه قيمة العمل اليدوى فى الخارج ، أما عندنا فقد رأيت أما تنهر ابنها عندما عرض عليها مساعدته قائلة : اذهب أنت ورفه عن نفسك ، فما هو نوع هذا الترفيه يا ترى ؟!
أما البنت فتتعطل يدها عن الحركة خاصة فى العطلة ، وتتشبث بمقعدها أمام التليفزيون أو فى استعمال التليفون .
وفى منهج المدرسة ، أين قيمة العمل اليدوى ؟ وكيف يقدرون العامل فى كتب التربية الاجتماعية ، ومسألة الحساب هل يقدر إنتاج العامل أم يحتسب المكسب والخسارة فقط ؟ والنشاط المدرسى ، هل يتضمن زيادة مصنع أو موقع عمل ؟
إننا نحط من شأن العمل اليدوى ، ونقدر الفرد حسب ماله ووجاهته ، نظرتنا إلى البيئة الاجتماعية جعلت المنصب وأبهة المكتب منتهى الأمل بل هو الجنة بعينها .
ربت البيت تصرخ من ارتفاع أجور الحرفيين وتتمنى قانونا جديدا يكسر رقابهم وتدعو عليهم بالوبال ، ولم تفكر فى بديل تقلل به من تدللهم وعبثهم .
إنها رواسب الاستعمار التى عكرت منهج تفكيرنا ، فالعار العار لمن يمسك مطرقة أو فرشاة أو حتى يفك مسمارا ، كما أن الإعلام لا يقدم نماذج للعمال المثاليين .
ومما يثير للدهشة أن العمل اليدوى يحمى من الأمراض الجسمية والنفسية ، وعندما أصيبت قطة هوليود المدللة اليزابيث تايلور بأزمة نفسية دخلت مصحا ، وأسندوا إليها غسل الأطباق وترتيب الأسرة فشفيت خلال أسابيع .
والواجب على الآباء الواعين أن يعلوا بقيمة العمل اليدوى أمام الأولاد ، يشجعونهم ويكافئونهم على أى إنجاز يدوى مهما كان بسيطا ، وأن يجعلوا الرسول عليه الصلاة والسلام أعلى مثالا ، فقد كان فى مهنة أهل بيته ، وبيديه الشريفتين كان يخصف نعله ويحلب شاته ويرقع ثوبه ، وأن أم المؤمنين السيدة زينب كانت صناع اليدين فكانت تخرز وتدبغ الجلود ، وان نبى الله نوحا كان يعمل بالتجارة ، وداود عليه السلام كان يعمل بصناعة الدروع ، وإذا استعرضنا أسماء التابعين والأولياء الصالحين العاملين بأعمال يدوية وجدناهم كثرة ، ضمنهم سيدى النساج وسيدى القصار وسيدى الخواص وسيدى الحصرى ..... الخ .
ولعل فى ذلك حكمة ربانية غابت عن فهم الإنسان ، وهى هدوء النفس بعد إنجاز عمل مفيد ، وإفراغ الطاقة العصبية فيما تجتهد فيه اليدان بل الجسم كله .
وهكذا نرى أن الغرب غير المسلم يتبع تعاليم الإسلام التى ننكرها نحن المسلمين
قدمته : ليلى حسنى