روشتة نبوية
ـــــــــــــــــــ
قال صلى الله عليه وسلم ( لا يبلغ المرء حقيقة الإيمان حتى يخزن من لسانه )
خزن الشىء يخزنه خزناً واختزنه : أحرزه وجعله فى خزانة واختزنه لنفسه ، وخزانة الإنسان قلبه ، وخازنة وخزانه لسانه قال لقمان لابنه ( إذا كان خازنك حفيظا وخزنتك أمينة . رشدت فى أمرك دنياك وآخرتك ، يعنى اللسان والقلب
وقال أيضاً .
إذا المرء لم يخزن لسانه فليس على شىء سواه بخزان
وخزنت السر واختزنته كتمته
هذه أضواء على كلمه خزن
والحديث الشريف روشتة نفسية للسان والقلب ، القلب واللسان كخازن ، وكل منا لسعيد إذا كانت خزانته عامرة ، وإذا كان لسانه أمينا يعمل على تحصيل ما يدخره فى الخزانة أما إذا كان اللسان ثرثار كثير الكلام فسوف يقل رصيد خزانته .
وهناك حقيقة نفسية يجب أن نركز عليها فى عمل القلب ، ونقصد بالقلب هنا مجموع اللطائف الباطنه من أجهزة عصبية عديدة ذات مراكز مختلفة ومخازن عديدة للسمع والبصر والذوق والشم والحس ومراكز الانفعال ومراكز أخرى للسلوك ، فنحن نحس عن طريق مراكز الإحساس وننفعل عندما تدخل الأحاسيس إلى باطن القلب وتعرفها المخازن وتنفعل بها ربما أبصرت العين صورة الأب وعندما تدخل إلى الجهاز العصبى وخزانته تعرف فيظهر الانفعال بالفرح وفور ذلك ينهض الإنسان ليحي الوالد ويسلك سلوكا خاصا بذلك .
فالأحاسيس تخزن وتوضع فى خلايا خاصة فى مراكز الذاكرة وإرادة الإنسان نستعين بها على التذكر وكلما كان الإنسان متزناً ناضجاً عرف كيف يخزن أحاسيسه وعرف متى يخرجها ويعبر بها وكان اللسان هو الخازن والخزان وكلما نضج وصعد فى سلم الصحة النفسية كلما كان تعبير لسانه حكيم سديداً
ليس بالثرثار ولا بالساكت المنطوى ، ولكن فى أحواله كما قال القرآن عن سلوك الصلاة ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا )
وأما هؤلاء الذين ضعفت إرادتهم وضعف الرقيب على أجهزتهم فهم الذين يكبهم لسانهم فى صراعات مصدقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( وهل يكب الناس فى النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ) .
والحكمة من هذا الحديث هو التوجيه النفسى للإرادة أن تضبط عمل اللسان وعمل الخزانه النفسية القلبية حتى يتصف الإنسان بالتروى وبعد النظر للصالح العام ويتجمل بالرشد وكل هذه هى شعب الإيمان ومتى حصلها الإنسان بلغ حقيقة الإيمان .