الأحلام وسيلة
من وسائل التعبير النفسى
بقلم : د / أحمد جمال أبو العزائم
تحدثت آيات القرآن الكريم فى مواضع مختلفة عن الرؤيا والأحلام .
1 ـ وتحدث المسلمون الأوائل كثيراً عن تفسير هذه الرؤيا والأحلام ولكى نركز على ما جاء به الإسلام يجب أن نبحث ما جاء به الآخرون سنين طويلة بعد الإسلام تعالوا نبحث ما أخرجه ، ( فرويد ) إلى علم النفس من تفسير للأحلام .
0 ( فرويد ) كتب طويلاً عن الأحلام وفسر كثيراً عن أحلامه هو واستعمل الأحلام فى التحليل النفسى ولكن كل ذلك كان منقوصاً ودعونا نبدأ فى مراجعة كلامه فهو يقول :
0 إنه ما إن يبدأ الإنسان فى النوم فإن بعض محتويات اللاوعى من انفعالات وأفكار وذكريات ، ناتجة عن الحاجات الأولية للهو تبدأ فى مراكز اللاوعى إلى التعبير الواعى أثناء النوم وأن هذا يكون نتيجة لبعض المؤثرات الحسية مثل التيارات الهوائية أو البرد أو الحر أو الحاجة للتبول أثناء النوم أو نتيجة لما دار أثناء اليوم السابق من أحداث وأفكار تستمر فى ذاكرته وتخرج من مستوى اللاوعى إلى الوعى فى صورة أحلام أو قد يكون ذلك لما هو فى الذاكرة من النزعات الطفولية والرغبات أثناء فترة الطفولة وحيث أن إخراج هذه المحتويات من اللاوعى إلى ما قبل الوعى دائما مؤلم وأحيانا مستحيل إخراجه فأنه يصطدم بحواجز اللاوعى التى تمنع ظهور هذه الأشياء حماية للنائم من الألم لذلك فإن النائم يتحايل فى إخراجها من هذه الحواجز عن طريق إخراجها مرتبطة بما هو مسموح إخراجه لذلك يستعمل بعض الطرق فى إخراجها .
0 أولها وهو الترميز وهو إخراج ما يراد إخراجه محملاً فوق رمز وهذه الرموز تحمل نفس المعنى ولا تتحدث صراحة عنه كما أنها تشارك المعنى الأصلى فى مفهومه وهى عادة ما تكون حسية مثل شئ بصره الإنسان فى الحلم غير أنها عادة ما تكون مبهمة ولكنها رمز إلى نفس المحتوى الواضح والمعقد للمعنى الأصلى وهذه الرموز عادة ما تكون بدائية التكوين ذات معنى انتكاصى لمراحل النمو النفسى فى الصغر لكى تنفس عن ما بداخل الحالم وهذه الرمزية تبيح للحالم إخراج ما هو من أسراره الداخلية التى لا يستطيع تذكرها أو الإباحة بها ويكون فى صورة لغة سرية من المعانى الرادعة للمقصود من الحلم .
0 وثانى تلك الطرق هى الإسقاط وهو أن يسقط المعنى إلى شخص آخر يحمل نفس المعنى كأن يحلم الزوج الخائن أن زوجته تخونه فهو أسقط ما به على غيره .
0 وثالث تلك الطرق فى الإخراج هى التبديل وهو استبدال شئ مكان شئ قريب له فى المعنى ، كأن يحقق النائم رغبته الجنسية فى من هم محرمين عليه من أهله بأن يراهم فى صورة عرايا ولكن ليس فى صورتهم الأصلية ولكن فى صورة أحد آخر يشبهم .
0 ورابع هذه الطرق هى التكثيف وهى تجميع عدة رغبات ودوافع ومواقف من اللاوعى إلى فكرة واحدة تحمل نفس المعنى كأن يحلم الطفل بوحش كاسر قد يرمز إلى والده القاسى وإلى والدته أو تحمل فى نفس المعنى أخطاءه هو التى يفقدها فإن هذا الوحش أصبح جماع لعدة أشياء داخلية ، وذكر فرويد أن الأحلام ثلاثة :
1 ـ أحلام انفعالات وهى تحمل ما يدور فى مزاج الحالم من انفعالات الحب والكراهية ولكنها تظهر فى صورة مختلفة كحلم مؤلم ( كابوس ) أثناء الليل .
2 ـ أحلام توتر وهذه الأحلام تنبيه الأنا إلى أن هناك بعض محتويات اللاوعى بدأت تنفذ من خلال حواجزها وتنبيه لكى يسيطر عليها .
3 ـ أحلام عقاب وهى ترتبط بأحلام التوتر وهى عقاب للحالم على إخراج محتويات اللاوعى من حواجزها والأنا هنا يشارك أحياناً مع الأنا الأعلى فى هذا العقاب .
0 من هذا كله فقد أهمل فرويد جانباً أعظم من محتوى الأحلام فالقرآن يقول ( إذ يريكهم الله فى منامك قليلاً ) وهذا تأكيد للرؤيا الحق وهذا مجال آخر مطلقاً فإن الله يقول ( يا أيها الملأ أفتونى فى رؤياى ) ـ يوسف 43 ـ ( قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ) .
يقول الشيخ النابلسى فى الأحلام والرؤيا الباطلة أنها أنواع :
1 ـ رؤية أمانى النفس وهى باطلة وهناك فرق بين الرؤيا والأحلام ، فالرؤيا لا تكذب والحلم لا يصدق .
2 ـ الحلم الموجب للاغتسال وهى من تحسين الشيطان للفواحش ( الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفواحش ) ـ البقرة 268 ـ
3 ـ تهاويل الشيطان وهى أن يسلط الشيطان على النائم ما يفزعه ويخيفه ويهوله ويلقى الحزن والهم فى قلبه ( إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله ) ـ المجدالة 10 ـ
4 ـ غلبة الطبائع ، فإذا كان الإنسان غاضباً قبل الحلم غلب عليه العدوان فى الحلم وإذا كان خائفاً حلم كدراً وغماً أو حانقاً حسداً أو حقداً ، وإن كان راغباً فى شهوة حلمه فحشاً وفجراً .
5 ـ الذكريات القديمة ، كأن يرى الشيخ نفسه صبياً صغيراً ويسميها الأئمة بالرجع ويسميها علم النفس النكوص .
6 ـ الحلم الشيطانى ، وهو أن يوسوس الشيطان لنائم بترك الصيام أو الصلاة أو الزنا أو غير ذلك ولا يعد ذلك رؤيا ( إن الشيطان ينزغ بينهم ) الإسراء 52
0 وتحدث ابن سيرين بإسهاب عن تفسير الأحلام والرموز خلف كل مادة داخل الحلم وجاء فرويد ليردد نفس ما قاله ابن سيرين وعند هذا الحد لم يستطع فرويد التقدم أكثر من ذلك وتوقف عند الرؤيا الباطلة ولكن الإسلام هو دين الله والله أعلم بمن خلق فإن ما سبق هو الحلم الباطل المنكر وأما الرؤيا الحق فهى الرؤيا الصادقة وهى مرتبة من مراتب تطهير النفس وتساميا عن صغائرها يقول الله تعالى فى الحديث القدسى ( ما زال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ) وهنا تصبح الأحلام رؤيا صادقة وتصبح الأحلام جزء من بضع وستون درجة من النبوة وهى وصية الله لعبده المؤمن المحبوب وهنا يكون الحلم علاج
نفسى يشرح به الله صدر عبده المؤمن وليس بلاء نفسى ومرضى من إيحاء الشيطان ومن هنا كانت كثرة الدعاء والصلاة عند النوم ومن هنا كانت الاستخارة وهى دعاء الإنسان ليطمئن قلبه بما يريد استخارة الله فيه من أمور الدنيا فيجئ لعبده الذى لا شك خبر من أخبار العبد لنفسه ومن هنا يتغير الإنسان نفسياً إلى الصفاء .
0 وتعالوا إلى معانى القرآن الجميلة فى الرؤيا فى قوله ( إذ يريكهم الله فى منامك قليلاً )
0 وهذا علاج نفسى واطمئنان للرسول والمؤمنين قبل القتال ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنما هى من الله فاليحمد الله عليها وليتحدث بها ، وإذا رأى غير ذلك مما يكرهه فإنه من الشيطان فاليستعذ بالله ولا يذكرها لأحد فإنها لا تسره ذلك أن تكرارها سيجعله مكتئباً متضرراً بها ويحدث القرآن عن الرؤيا الرمزية فى قصة يوسف فكان الإبداع النفسى والتفسيرى للأحلام ( يا بنى لا تقصص رُءياك على إخوتك ) من حسدهم وغضبهم من يوسف .
موضوع: الأحلام وسيلة من وسائل التعبير النفصى 
الإثنين سبتمبر 20, 2010 6:09 am
