خبايا النفس
كان صديقين متعلم وجاهل .. وقتما يجلسان معا .. يطلب الجاهل من المتعلم أن يعلمه .. يحكى له عما صادفه فى أسفاره .
يقسم له أنه أستاذه .. يجله ويحترمه عن كثيرين ممن هم فى مثل علمه ... وأن حديثه يصل للعقل والقلب معا .. عقله يدرك جيدا معانى حديثه .. من حسن الكلام ودقة التعبير.
لم يبخل عليه أعطاه الكثير حتى خبراته وما تعلمه فى أسفاره . ذات يوم أقسم له أن الحياة ضاقت عليه هنا .. يريد أن يرحل يرى الدنيا يسافر .. كدر الحياة وضيق العيش يكاد يخنقه .
فلم يجد بد من أن يفهمه حسن الحديث ودقة التصرف والصبر.
جاء اليوم وسافر وهو لم يصل لنصف متعلم .. لكنه سافر وتعددت الأسفار .
ما كان من صديقه أنه لم يتركه وظل دائم السؤال عنه .. يتحرى عودته ويذهب لتهنئته على العودة بسلام .. وقبل سفره يودعه .. إلى أن لاحظ عليه تغيير فى طباعه فلم يلقى لذلك بالى .. ذات يوم وصله ذم فى حقه منه .. وهو أنه لم يرى مثل ما رأى .. ولم يتعلم مثل ما تعلم وهو لم يفعل شئ ولا يستطيع أن يفعل .
ظل الأستاذ يسمع ما يصل إليه .. وتحرى عن هذا الكلام فوجده قاله بحق فلم يعاتبه .. وظل كما هو معه إلى أن وجد طباعه تزداد سوء تركه .
إلى أن جمعهما يوم على غير موعد فراح يتحدثان .. ووجد الأستاذ تلميذه كما تركه .. لكن الطباع تغيرت كثيرا بفعل شئ أخر .
ابتسم فى وجهه وقال .. حقا أنا لم أرى ما رأيت ولم أتعلم مثل ما تعلمت .
حاول الأخر أن يفهم ما وراء هذه الكلمات .
لكن الأستاذ همس له وقال .. أنا كما أنا وأنت كما أنت .. ولكن شئ ما خفى غيرك .. أنت تصارعه وهو يصرعك .
حاول معه ليعرف ما يقصده بقوله هذا أو يفسره له .
أبتسم ابتسامة عريضة وحمد الله وقال .. إن لم تعرفها أنت فلا أستطيع تفسيرها لك .. ولن أستطيع .. واعلم أنه ليس بإمكانى أن أراك بعد اليوم .
موضوع: خبايا النفس 
السبت سبتمبر 18, 2010 12:05 pm