بسم الله الرحمن الرحيم
اللواء الإسلامى العدد ( 326) السنة السابعة
أنت تسأل والإسلام يجيب
س، ج – عن رمضان
س – ما رأى الإسلام فيمن دخل رمضان ولم يتمكن من قضاء الأيام التى أفطرها فى رمضان من العام الماضى ؟
ج – إن أخر من عليه القضاء لأيام أفطرها فى رمضان بعذر حتى دخل عليه رمضان أخر وجب عليه القضاء بعد نهاية رمضان اتفاقا ، أما الكفارة فقال مالك والشافعى تجب عليه الكفارة مع القضاء وقال أبو حنيفة والحسن وأبو داود : لا كفارة عليه وإلى هذا ذهب الإمام البخارى فإن الله تعالى قال ( فعدة من أيام أخر ) ولم يذكر ألا طعام وقد جاء عن أبو هريرة رضى الله عنه مسندا فيما فرط فى قضاء رمضان حتى أدركه أخر قال : يصوم هذا مع الناس ويصوم الذى فرط فيه ويطعم لكل يوم مسكينا وروى عنه مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم فى رجل أفطر فى شهر رمضان من مرض ثم صح ولم يصوم حتى أدركه رمضان أخر قال : يصوم الذى أدركه ثم يصوم الشهر الذى أفطر فيه ويطعم لكل يوم مسكينا ، وإن تمادى به المرض حتى جاء رمضان أخر فروى الدارقطنى عن ابن عمر أنه يطعم مكان كل يوم مسكين مدا من حنطة ( قمح ) ثم ليس عليه قضاء وروى أيضا عن أبى هريرة أنه قال : إذا لم يصح بين الرمضانين صام عن هذا وأطعم عن الثانى ولا قضاء عليه .
س – رجل مات وعليه صوم أيام من رمضان لم يقضيها فهل يباح لوليه أن يصوم بدلا عنه ؟
ج – من مات وعليه أيام افطرها بعذر فى رمضان ولم يقضها قال مالك والشافعى والثورى لا يصوم أحد عن أحد وقال أحمد وإسحاق والليث وأبو عبيد يصام عنه لما رواه الإمام مسلم عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عنه قال : ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه ) وبما رواه مسلم أيضا عن ابن عباس قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يارسول الله إن أمى قد ماتت وعليها صوم نذر أفأ صوم عنها ؟ قال : ( أرأيت لو كان علي أمك دين فقضيته أكان يؤدى ذلك عنها ؟ قالت نعم قال فصومى عن أمك ) واحتج الشافعى بقوله سبحانه وتعالى ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) وبقوله ( ولا تكسب كل نفس إلا عليها ) وبما أخرجه النسائى عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يصلى أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مدا من حنطة ) وأقوى ما يحتج به لمالك عمل أهل المدينة ويؤيده القياس الجل وهو أنه عبادة بدنية لا مدخل للمال فيها فلا تفعل عمن وجبت عليه كالصلاة ولا ينقض هذا بالحج لأن المال فيه دخلان .
س- مريض بالربو يستعمل البخاخة يسأل عن الحكم الشرعى فى استعمال هذا الجهاز .. هل يفطر الصائم ؟
إذا كان الدواء الذى يستعمله بواسطة البخاخة يصل إلى جوفه عن طريق الفم أو الأنف فإن صومه يفسد ، وإذا كان لا يصل منه شئ إلى الجوف فلا يفسد الصوم ، وفى حالة فساد الصوم يجب عليه القضاء من أيام أخر بعد زوال المرض ، فإذا كان مرضه مزمنا ولا يرجى شفاؤه فلا يجب عليه الصوم شرعا وعليه الفدية ، وهى إطعام مسكين عن كل يوم يغديه ويعشيه غداء وعشاء مشبعين .
س – أنا اعمل فى بلد عربى أمام أحد الأفران ونظرا لشدة الحر فى هذا البلد ، فإننى لا أستطيع الصيام ، فماذا أفعل ؟
ج – المقرر فى فقه الحنفية أن الصحيح المقيم إذا اضطر للعمل فى شهر رمضان وغلب على ظنه بإمارة أو تجربة أو أخبار طبيب حاذق مسلم مأمون أن صومه يفضى إلى هلاكه أو إصابته بمرض فى جسمه ، أو يؤدى إلى ضعفه عن أداء عمله الذى لابد له منه لكسب نفقته ونفقة عياله ، فإنه فى هذه الحالة يباح له الفطر أخذا بما استظهره ابن عابدين من إباحة الفطر للمحترف الذى ليس عنده ما يكفيه وعياله وما نص عليه الفقهاء من إباحة الفطر للخابز ونحوه من أرباب الحرف الشاقة ، والواجب على هؤلاء العمال إذا أفطروا مع هذه الضرورة أن يقضوا ما أفطروه من رمضان فى أوقات أخرى لا توجد فيها هذه الضرورة عندهم ، فإن لازمتهم هذه الضرورة إلى أن ماتوا لم يلزمهم القضاء ولم يجب عليهم الايصاء بالفدية ، وتطبيقا لذلك ففى الحادثة موضوع السؤال يجوز شرعا للسائل أن يفطر فى رمضان لعدم استطاعته للصوم لأنه يعتبر من أصحاب الحرف الشاقة الذين أباح لهم الفقهاء الإفطار ، ويجب عليه شرعا قضاء ما أفطره من رمضان فى أوقات أخرى لا توجد فيها هذه الضرورة عنده ، فإن لازمته هذه الضرورة إلى أن مات لم يلزمه قضاء ، ولم عليه الايصاء بالفدية لأن وجوب الايصاء فرع وجوب القضاء ولم يجب عليه القضاء فى هذه الحالة ، وإن اعتقد السائل أو غلب على ظنه أنه لن يزول عنه هذا العذر فى يوم من الأيام فإنه فى هذه الحالة يأخذ حكم الشيخ الفانى – وتجب عليه الفدية – وهى أن يطعم فقير عن كل يوم يفطره كالفطرة بأن يملكه نصف صاع من بر أو صاع من شعير أو تمر أو قيمة ذلك عند الحنفية ويقوم بالإطعام أو إخراج القيمة بنفسه أو ينيب عنه من يقوم بذلك فإذا زال عنه العذر بأن عاد إلى العمل فى جو يمكنه فيه الصيام وجب عليه شرعا أن يقضى ما أفطره والله سبحانه وتعالى أعلم .
صيام المسلمين فى النرويج ؟
على المسلمين فى هذه البلاد الخيار بين أمرين لا ثالث لهما : أحدهما : أن يتخذوا من مواقيت البلاد المعتدلة التى نزل فيها التشريع الإسلامى
( مكة والمدينة ) معيار للصوم فيصومون قدر الساعات التى يصومها المسلمون فى واحدة من هاتين المدينتين .
والأمر الأخر : أن يحسبوا وقت الصوم باعتبار زمنه فى أقرب البلاد اعتدالا إليهم ، وهى تلك التى تفترض فيها الأوقات ، ويتسع فيها كل من الليل والنهار لما فرضه الله من صلاة وصوم على الوجه الذى ينادى به التكليف وتتحقق حكمه دون مشقة أو إرهاق ، وقد يتعذر معرفة الحساب الدقيق لأقرب البلاد اعتدالا إلى النرويج ، ومن ثم أميل إلى دعوة المسلمين المقيمين فى هذه البلاد إلى صوم عدد الساعات التى يصومها المسلمون فى مكة والمدينة على أن يبدأ الصوم من طلوع الفجر الصادق حسب موقعهم على الأرض ، دون نظر أو اعتداد بمقدار ساعات الليل أو ألنهار ودون توقف فى الفطر على غروب الشمس أو اختفاء ضوئها بدخول الليل فعلا ، وذلك إتباعا لما أخذ به بعض الفقهاء فى تقدير وقت الصلاة والصوم استنباطا من حديث الدجال ، وامتثالا لأوامر الله وإرشاده فى القرآن الكريم رحمة بعباده ، فقد قال تعالى ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) وقال تعالى ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) والله سبحانه وتعالى أعلم .
موضوع: س ، ج - عن رمضان - من اللواء الإسلامى - العدد ( 326 ) السنة السابعة -3- 
الأحد أغسطس 01, 2010 6:34 am