أسماء بنت أبى بكر
الأسوة والقدوة
كانت أسماء كريمة ، وكان كرمها لا يقف أمام شئ ، فقد تنفق كل ما معها ولا يبقى لها شئ ، يستوى عندها الإنفاق فى حالة الفقر والغنى ، فلا يمنعها الفقر ، ولا يبقى لها الغنى شيئا ، فقد أصبح كرمها عادة وسجية .
ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شدتها وعسرها وقالت : - يا نبى الله ، ليس فى بيتى شئ إلا ما أدخل على الزبير ، فهل كون مذنبة إذا أعطيت القليل من ماله ؟ .
قال لها صلى الله عليه وسلم : ( أعطى ولا تبخلى فيبخل الله عليك ) .
وكانت تقول لبناتها وأهلها : - أنفقن .. وتصدقن .. ولا تنتظرن الزيادة عما عندكن حتى تجدن به ، فإنه أحسن ثوابا وأجدى عند الله .
ولما كثر الخير عندها ، وكانت تمرض فتعتق فى مرضها كل مملوك لها وقال عنها عبد الله بن الزبير : - ما رأيت امرأة أجود من عائشة وأسماء ، وجودهما مختلف ، أما عائشة فكانت تجمع الشئ إلى الشئ حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه ، أما أسماء فكانت لا تدخر شيئا لغد .
شجاعة أسماء :
كانت شجاعة ، وظهرت شجاعتها الفائقة فى الهجرة .. فى مقابلتها لعدو الله أبى جهل ، وفى موقفها مع جدها أبى قحافة ، وفى ذهابها ليلا وعودتها مع أخيها عبد الله لتحمل ما يحتاج إليه الرسول وصاحبه ، ثم شقها لنطاقها لتربط به الزاد والماء .
وفى تبوك حضرت مع زوجها وابنها عبد الله وكان صغيرا ، واستعدت لقتال العدو ، وقالت للزبير رضى الله عنه : - يا أبا عبد الله - والله – إن كان الرجل من العدو ليمر يسعى فيصيب قدمه عروة أطناب خبائى ، فيسقط على وجهه ميتا ما أصابه سلاح .
وفى زمن سعيد بن العاص أحد الولاة على المدينة بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفى زمن الخلفاء ، كثر اللصوص فكانت تتخذ خنجرا تجعله تحت رأسها ، لتدافع به عن نفسها .
قيل لها : ما تصنعين بهذا ؟
قالت : إذا دخل على لص بعجت بطنه .
قوة إيمان أسماء :
كانت قوية الإيمان ، كانت عقيدتها صافية لا يعكر صفوها شئ مهما على ثمنه ، وارتفعت مكانته ، ولو كان أغلى الناس عندها لضحت به ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى .
قدمت أمها عُقيلة بنت عبد العُزَى إلى المدينة ، وكان أبو بكر قد طلقها فى الجاهلية ولا تزال على الشرك ، وقد حملت لابنتها هدايا : زبيب وسمن ... الخ ..... فأبت أن تقبل هديتها ، أو تدخل بيتها ، وأرسلت إلى عائشة رضى الله عنها تقول لها : - سلى رسول الله فى أمر أمى وما تحمل .
فقال صلى الله عليه وسلم : لتدخلها بيتها ، وتقبل هديتها .
فأنزل الله سبحانه وتعالى فى ذلك فرآنا يتلى :
بسم الله الرحمن الرحيم ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين 0 إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فاؤلآئِك هم الظالمون )
صبر أسماء :
كانت أسماء صابرة على آلامها الجسيمة والنفسية محتسبة ذلك عند الله سبحانه وتعالى ، كان فى عنقها ورم فصبرت على آلامه ، وشكت آلامها للنبى صلى الله عليه وسلم ، فجعل يمسح عنقها ويقول : ( اللهم عافها من فحشه وأذاه ) .
وكانت إذا صدعت تضع يدها على رأسها وتقول : بذنبى .. وما يغفر الله أكثر .
تضايقت من شدة الزبير وغيرته أحيانا ، وذكرت ذلك لأبيها فقال لها رضى الله عنه : - يابنية اصبرى ، فإن المرأة إذا كان لها زوج صالح ثم مات عنها فلم تتزوج بعده جمع الله بينهما فى الجنة .
وقصت أسماء مع ابنها عبد الله فاقت كل وصف ، فيها الإيمان وصدق العزيمة وعزة النفس المؤمنة ، والتسليم لأمر الله ، والتضحية بكل غال وعزيز فى سبيل المحافظة على العقيدة الصحيحة والتمسك بدين الله ، والموت فى سبيله .
وهل هناك أغلى من ابنها وفلذة كبدها ؟
لقد كانت فى أمس الحاجة إليه بعد الهرم والضعف والوهن وفقد البصر ، لقد أمرته أن يجاهد حتى الموت ، ونصحته بأن يستمر فى قتاله حتى النهاية ، وكانت هادئة النفس مطمئنة القلب ، موقنة إيقانا لا شك فيه أنها ستلقاه فى الآخرة .
رضى الله عنها ، ورفع مكانتها مع الأنبياء والرسل والشهداء والصالحين .
الشيم الكرام