أبناء الزبير بن العوام
وأسماء بنت أبى بكر
إيمان وأمان :
مما يدل على قيام أسماء بالبيت وبالأسرة الكثيرة العدد أن الزبير كان من أوائل الذين قاموا بواجبهم فى الجهاد فلم يتخل مرة عن غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم ، فظل فى مقدمة المجاهدين الأولين فى حياة الرسول وبشره صلى الله عليه وسلم بالجنة فكان واحد من العشرة المبشرين بها ، واشترك فى الفتوحات فى عهد أبى بكر وعمر وعثمان ، أما أسماء قد شغلت بتربية أولادها ، فلم يؤثر أنها حضرت من الغزوات سوى تبوك .
أسماء الأم :
تفرغت لأولادها فربتهم على تعاليم الدين الإسلامى ، والتمسك بمبادئه القويمة وعلى الإخلاص لله ولرسوله ، والجهاد فى سبيله ، ونشأتهم ليكونوا فى الصفوف الألى مع المجاهدين ، فهى تعلم أن الإسلام دائما بحاجة إلى المجاهدين ، كانت تقص عليهم أخبار أبطال المسلمين من أمثال حمزة بن عبد المطلب ، وغيره ممن استشهدوا فى سبيل الله ، وشجعتهم على أن يتعلموا ركوب الخيل والتمرس على الرماية ، واللعب بالسيوف ، واستخدام الرماح وأن يتقنوا كل عمل كلفوا به فالله يحب إذا عمل أحدكم عمل أن يتقنه ، لقد أنجبت خمسة رجال ، وثلاث بنات ، نذكرهم فيما يلى :
1- عبد الله بن الزبير :
أكبر الأولاد ، وكان أول مولود يولد للمهاجرين فى المدينة ولقد سر المسلمون به كثيرا ، لأن اليهود قالوا : إنهم سحروا المهاجرين ، وأنهم أصيبوا بالعقم ، ولن يروا مولودا أبدا ، فكانت ولادته سهما رجع إلى صدر العدو .
كانت تؤدبه بأدب النبى صلى الله عليه وسلم ، وتطلب منه أن تكون أعماله كما يرى النبى ، وكثيرا ما كانت تتركه عند خالته عائشة ليرى النبى وهو يصلى ، ويراه وهو يعامل أهل بيته ، وكيف يعامل خدمه وأصحابه ، وكيف يتناول طعامه وربما شاركه الطعام فى الغذاء أو العشاء .
نشأ شجاعا يجيد الضرب بالسيف ، ويتمرن على فنون القتال وهو ما يزال صبيا صغيرا فلقد اشترك فى المعارك وهو فى سن الرابعة عشرة .
ومما يدل على شجاعته أنه كان يلعب مع الصبيان فى شوارع المدينة ومر بهم عمر بن الخطاب ، فلما رأوه الصبية فروا جميعا إلا عبد الله فإنه وقف مكانه ، فلما اقترب منه قال له ابن الخطاب : ما اسمك ؟
فأجابه بجرأة وشجاعة : اسمى عبد الله
قال له عمر : لقد رأيت الصبية يفرون ، فلماذا لم تفر مثلهم ؟
رد عليه عبد الله قائلا : لم أجرم فأخاف منك ، ولم تكن الطريق ضيقا فأوسع لك .
فأعجب به عمر بشجاعته ، وتنبأ له بحياة كلها شجاعة وكفاح .
2- عروة بن الزبير :
ولد عروة فى السنة الثالثة والعشرين من الهجرة ، ولما كبر اتجه إلى دراسة الفقه حتى كان أحد الفقهاء السبعة بالمدينة ، وقد تأثر كثيرا بخالته عائشة ، فلازمها طوال مدة حياتها ، وتفقه عليها ، وكانت كثيرة الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قيل : إنها أفقه نساء الأمة .
لقد حفظ كل ما عرف منها من حديث رسول الله حتى قال :
- لقد رأتنى قبل موت عائشة بأربع حجج ، وأنا أقول : لو ماتت اليوم ما ندمت على حديث عندها إلا وقد وعيته .
كان عابدا تقيا صواماً خائفا من ربه تحدثت كتب التاريخ عنه فكان مما قالوا : كان فى زيارته للخليفة الوليد بن عبد الملك الأموى ، وكان يرفقه ابنه محمد وكان من أحب أبنائه إليه ، وحدث أن المرض سرى بإحدى رجليه وأجمع الأطباء على بترها حتى لا تقضى عليه .
قال عروة : شأنكم بها فافعلوا ما ترون .
قالوا نسقيك شيئا لئلا تحس بما نصنع بك .
قال : لا !
فلما نشروها ، ورأى القدم فى يدهم ، داعبها فقلبها فى يده ثم قال : أما والذى حملنى عليك ، إنه يعلم أنى ما مشيت بها إلى حرام قط .
ويروى أنه فى أثناء قطع رجله أن كان ابنه الأكبر فى حظيرة الدواب فرفسته دابة فقتلته ، فلما أخبروه بذلك قال :
- اللهم إنه كان لى بنون أربعة فأخذت واحدا وأبقيت لى ثلاثة فلك الحمد ، وكان لى أطراف أربعة فأخذت واحدا وأبقيت لى ثلاثة فلك الحمد ، وأيم الله لئن أخذت فقد أبقيت ، ولئن ابتليت فطالما عافيت .
توفى بضيعة له قرب المدينة ، وقد بلغ من العمر الرابعة والتسعين .
3 - المنذر بن العوام :
كان المنذر يعمل بالتجارة ، وكثيرا ما كانت الأم تتوجه إليه بالنصيحة وتدعوه إلى تقوى الله والتعامل بالصدق ، والبعد عن الغش والخداع ، والرضى بالمكسب الحلال ، وتذكر له ما كان عليه جده أبو بكر يوم أن كان تاجرا بمكة ، قالوا عن المنذر :
كان سيدا حليما مشهورا بحسن الخلق ، أهدى إلى أمه كسوة من ثياب رقاق بعد ما بلغت المائة وكف بصرها فلمستها بيدها ثم قالت :
- أف .. ردوا عليه كسوته ، فإنها تشف .
قال المنذر : يا أماه إنها لا تشف .
قالت رضى الله عنها : يا بنى إنها وإن لم تشف ، فإنها تصف .
ثم أهدى إليها ثياب أخرى ، فقبلتها وقالت : مثل هذا فأكسنى .
قتل المنذر مع أخيه عبد الله بمكة فى الحرب التى قامت بينه وبين بنى أمية .
أما المهاجر بن الزبير وعاصم بن الزبير .. فلا نشك فى أنهما كانا فاضلين بفضل تربية الأم العظيمة .
وأما البنات فأكبرهم خديجة بنت الزبير ، وكانت على جانب كبير من التقوى والتدين تزوجت عبد الله بن أبى ربيعة المخزومى .
وأم الحسن بنت الزبير تزوجها عبد الرحمن بن الحارث .
وعائشة بنت الزبير تزوجها الوليد بن عثمان بن عفان .
الشيم الكرام