معارج الحب
طاهر أبو فاشا
مقامات وأحوال
ومن هذه المقامات وتلك الأحوال سمات هؤلاء المفكرين وفيها عمق وأقباس من أنغام الإشراف والأنس والطرب والحركة والحزن وكل ما يتغلب فيه السالك من أحوال المحبة التى تتوهج بها أشعارهم .
ففى مقام الحفظ يتجرد المحب للمحبوب وحده بحيث يكون الميل إلى سواه إشراك فى الحب . أو ردة عن شرعة المحبة وفى هذا
يقول سلطان العاشقين :
فلو خطرت لى فى سواك إرادة
على خاطرى سهواً قضيت بردتى
ولا يزال العاشق يتدرج فى معارج الشوق والوجد . ويضرب فى مقاماته حتى يصل إلى مرتبة يتحول فيها إدراكه عن غير المعشوق ( السوى ) بحيث يرى المعشوق فى كل شئ فهو لا يرى فى كل ما يراه : سوى المحبوب الذى لا يغيب عنه أبدا . أو كما
يقولونه :
خيالك فى عينى وذكرك فى فمى
ومثواك فى قلبى فأين تغيب
ونحن نجد هذا المعنى يتردد فى أشعارهم كثيراً :
على بعدك لا يصبر
من عادته القرب
وعن قربك لا يصبر
من شيمته الحب
فإن لم ترك العين
قد أبصرك القلب
وقد يكون عجيبا ذلك الشجن وهذا الشوق لأن الشوق لا يكون حقيقة إلا فى حالة البعد . فكيف به مع القرب . فى هذا
يقولون :
ومن عجب أنى أحنُ إليهمو
وأسأل عنهم من لقيت وهم معى
وتطلبهم عينى وهم فى سوادها
ويشتاقهم قلبى وهم بين أضلعى
نقل بواسطة
الشيم الكرام