خواطر حول الأمراض النفسية ومخاوف الجن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم

مجلة النفس المطمئنة العدد (3 ) سنة 1985
خواطر
خواطر حول الأمراض النفسية ومخاوف الجن
دعوة لتنقية المجتمع من الأفكار الخاطئة
د/ احمد جمال أبو العزائم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال لى صديق : مرض قريب لى نفسى فأخذته وذهبت به إلى رجل يقال عنه أنه يعالج من الجن فقال لنا ملبوس وأن أخاه فى الأرض غاضب وأخذ
يدندن على رأسه بكلمات غير مفهومة وأعطى له بعض الوصفات غير أن حالته ساءت وتدهورت وأحضرناه للعلاج .
قلت لصديقى : كيف تذهب به لهؤلاء الدجالين وأنت مسلم وتعرف دينك حق المعرفة ؟ إن ذلك خطأ !
قال صديقى : لكن الله قال فى كتابه الكريم الكثير عن الجن وأنهم ينفعون الناس ويضرونهم ألا تؤمن يا دكتور .. وألا تعرف أن البعض يسخرهم لإمراض الناس .
قلت لصديقى : أن الله وحده هو النافع الضار ..أما سمعت دعاء الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( بسم الله ألذى لا يضر مع اسمه شئ فى الأرض ولا فى السماء وهو السميع العليم ) وقول الحبيب المصطفى ( المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ..واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشئ لن ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك ولو اجتمعت على أن يضروك بشئ لن يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وطويت الصحف )
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم اننى يا صديقى أؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وأؤمن كذلك بأن الله قد خلق الجن ولكنه ليس إيمان اعتقاد بأن الجن ينفع ويضر.
قال تعالى * وما هم بضارين به من احد إلا بإذن الله * ذلك أن الإيمان بقدرة الجن على النفع والضرر هو كفر بالله تعالى انظر إلى قول الحق سبحانه وتعالى * قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون *
قال صديقى : ولكن ذكرهم فى القران الكريم وانه سبحانه سخرهم لسليمان .
1- سورة البقرة : جزء من آية 102
- سورة سبأ: جزء من آية 41
قلت لصديقى : لقد كان الناس قبل نزول القران الكريم فى جاهلية وضعف وبدائية وكانت لهم أمالهم التى يصعب تحقيقها وكانت هناك أيضا ظواهر فى الكون لا يفهمونها وأمراض لا يعرفون أسرارها فكانوا يؤولون ذلك إلى قدرات أخرى خارج قدراتهم غير أن الله تعالى عندما أنزل القران وهو كتاب العلم والقلم والتفكر فى خلقه كان لزاما أن يهئ الإنسان إلى ذلك فحجب عن الإنس عالم الجن : انظر إلى قوله تعالى * وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وأنا كنا نقعد مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا * صدق الله العظيم
لقد أراد الله بمن فى الأرض الرشاد والنضوج والتقدم فكان الإسلام نقطة تحول بالبشرية من الجهل إلى العلم والعمل أنظر إلى العبد المؤمن وتفوق قدراته على الجن فى قوله تعالى :* قال عفريت من الجن أنا أتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنى عليه لقوى أمين قال ألذى عنده علم من الكتاب أنا أتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك *
فأنظر يا صديقى إلى الفرق بين قدرتهما.. تجد أن ألذى لديه علم من الكتاب أستطاع بقدرة الله التى تعلمها أن ينفذ فى الحال ووجد سليمان عرش بلقيس أمامه قبل أن يرتد إليه طرفه. ذلك أن الله قال فى حديثه القدسى لا يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحيه .. فإذا أحببته كنت سمعه ألذى يسمع به وبصره ألذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يسعى بها حتى صير عبد ربانيا .. ولئن استعذ بى لأعذته ولئن سألنى لأعطيته ) وكل ذلك بعد ترقيته فى درجات العلم والإيمان .
ثم أن تسخير الله للجن لسيدنا سليمان كان تسخيرا بأمره تعالى ولم يكن لسواه حتى ذلك التسخير قال عنه الله تبارك وتعالى * ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ عن أمرنا نذقه من عذاب السعير * صدق الله العظيم .
1- سورة الجن آية 18 ، 19
2- سورة النمل آية 39 وجزء من آية 40
إذن فلا مجال للجن فى العمل خارج أمر الله الذى قال * وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله * ثم إن التسخير كان لأعمال ليست مستحيلة على الإنسان بل أن الإنسان قد أبدع فيها الكثير وهم هنا فى هذه الآية * يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات * قد عملوا له محاريب وتماثيل وجفان وقدور ثم انظر إلى تصغير وتقليل الله لقدرات الجن فى قوله * فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين * وهذا اكبر دليل على ضعف قدرات الجن وتفوق الإنسان عليها.. وعدم قدرة أحد على تسخيرهم فوق مشيئة الله .
قال صديقى : لا يا دكتور أنا أعرف صديق لى سخرهم لنفسه وتزوج منهم.
قلت له : دعنى أردد ما قاله الله تعالى فى أمر هؤلاء الذين يعيشون فى أضغاث الأحلام ويدعون على الله الكذب أنظر إلى قوله تبارك وتعالى * ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا اجلنا ألذى أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله أن ربك حكيم عليم * صدق الله العظيم
ثم انظر يا أخى أولئك الذين يخافون الجن أن ذلك مرض وتوهم أن الجن ينفع أو يضر ولا يزيد الإنسان إلا رهقا.. كما يقول تبارك وتعالى * وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا * والرهق كما قال ابن منظور فى معجم لسان العرب الجزء الثالث هو جهل الإنسان .. أو خفه وسفه فى العقل .. أنظر إلى قوله تعالى * ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة * وأنظر إلى قوله * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة * وقوله تعالى * ولا ترهقنى من أمرى عسرا * وإذا ما أصاب الإنسان المرض النفسى فأنه إما أن يلجأ إلى الله ويطلب العلاج ألذى خلقه الله أو أن يعتقد فى أن ما أصابه هو الجن ولا يعرض نفسه للعلاج ويزداد تبعا لذلك مرضه مصداقا لقوله تعالى * فزادهم رهقا * وإذا نظرنا إلى قوله تعالى * بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون *
1- سورة سبأ : أية 14
2- سورة الأنعام : أية 128
3- سورة الجن أية 6
4- سورة عبس : 40 ، 41
ونستند من سورة الجن فى أية -3- موقف بعضهم وإنكارهم أنهم تحت سيطرة ألله فى قولهم * وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا * والسفيه هنا هو كل من يدعى على الله من أنس وجن أنهم باستطاعتهم أن يضر أحدا أو ينفعه وهذا لا يحدث بدون مشيئة الله بل أن الله أكد على ذلك وربط بين الإعتقاد فى نفعية الجن للإنس وبين الشرك به فى قوله تعالى * وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً *
ثم أنظر إلى هذه الآية التى يظهر فيها الله الطريق القويم لكل إنسان حتى يشعر بالسعادة والآمان فى قوله تعالى * وأنا لما سمعنا الهدى أمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا *
ذلك أن الإيمان يذهب عن الإنسان السفه وخفة العقل وضحالة الفكر ويجعله مطمئنا أنظر إلى قوله تعالى * ألا بذكر الله تطمئن القلوب * وذلك هو النضوج فى قوله تعالى فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا * وأما أولئك الجائرون والمكابرون الذين ما زالوا يدعون على الله الكذب والإفتراء وعلى قدرتهم فى تسخير الجن وأولئك الذين يعتقدون فيهم ويذهبون للبحث لديهم عن علاج فقد قال الله فيهم * وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا * فلا تكن يا صديقى من هؤلاء بل كن ممن تحروا رشدا وكن ممن قال الله فيهم * وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا * والطبيب المؤمن يا صديقى هو ألذى تحرى الرشد ودرس وتعلم وبحث وما زال يبحث عن دواء لكل علة بقول الرسول الكريم ( تداووا عباد الله فإن لكل داء دواء ) وإذا إستعنت فأستعن بالله . واعمل معنا فى ميدان الوقاية من المرض وفى ميدان البحث عن العلاج ألذى خلقه الله وأودعه أرضه وعلينا التعرف عليه والإستمرار فى اجراء البحوث عن فائدته وجدواه مصداقا لقوله * وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون * صدق الله العظيم
1- سورة الجن : أية 18
2- سورة الجن : أية 13
3- سورة الجن : أية 14
4- سورة الجن : أية 15
5- سورة الجن : أية 16

نقل بمعرفة
طائر الليل

* إن التزام المسلم بتعاليم الإسلام وآدابه القولية والفعلية
وتطبيقه لها كل يوم في مختلف جوانب حياته كفيل -
بإذن الله تعالى - في إسعاد قلبه وتحصين نفسه
ووقايتها من أن تصاب بأي مرض نفسي أو روحي
أو عضوي في العموم ..
-لأجل ذلك فقد دعانا الإسلام إلى الأخذ بجملة من التعاليم والآداب والأدعية والأذكار
متى ما التزمنا بها التزاما كاملا فإنها ستكون
- بإذن الله - حصناً لنا من الوقوع في الأمراض النفسية وحماية لنا من وساوس الشيطان ومصاعب الحياة
وسبباً في سعادة المسلم وعيشه بهدوء وطمأنينة
.
بارك الله فيك
أثريتنا بطرح جميل
دمت باسق الحضور شاهق المداد[/color]